خواطر
يوم عيد في فلسطين
نحن في فلسطين ، و ككل العالم، لنا يوم اسمه العيد، نبيت ليلته نستعد لنهاره، فتياتنا يرسمن
بالحناء على أيديهن و أرجلهن ؛ علم الوطن و أشجار الوطن و رمز الوطن (قبة الصخرة) ،
و كأنهن بعيدات عن الأرض و في شوق إليها .
مع بزوغ أولى خيوط الفجر ، تعظم الفرحة و تنتشر ، و يطير بنا الشوق نحن الأمهات إلى
كل حبيب و قريب ، ازداد شوقي إلى ابني ، انتظرت قدومه ليلة البارحة ، و استغفرت الله
لما تذكرت أن مثله أولى أن يزار من أن يزور .
لم أهدأ إلا و أنا واقفة على رأسه ، السلام عليكم أهل الديار ، السلام عليك يا ابني، يراك غيري
ميتا و قد ضمك لحدك ، و أراك حيا بين أضلعي ، و لا يدخل نفس صدري إلا و قد عطرته
رائحتك الطيبة . يساق الناس إلى قبورهم كرها ، و أنت اخترت عن طيب خاطر روضتك .
أجد دموعا على خدي و لا أعرف هل هي دموع حزن و أسى على فراقك ، أم دموع فرحة
و غبطة على مقامك؟
خبرني يا ابني عن عيدك ، و كأني بالوجوه المضيئة قد جلست حولك ، و كأني بعينك قد
هامت في كل ما هو جميل ، و أن عرف الجنة قد ملأ دارك ، و أنت السيد في مملكتك .
تشوفت إلى هذا يا ابني و أنت شاب فقمت ، و غفل غيرك فتمرغ على الفراش و قعد ،
سقيت أرض فلسطين بدمك الطاهر ، فسقيت بما لذ و طاب ، فنعم العيد، و نعم العيد أنت فيه.